بسم الله الرحمن الرحيم
حينما أنتقد السلف السابق من المفسرين لآيات القرآن العظيم. فأنا أخصُّ منهم, كلّ مَن أخذ من أهل الكتاب القصص المذكورة في التوراة المحرفّة والذي أطلق عليه العارفون اسم (الإسرائيليات) , وهي في الواقع (اليهوديات) نظراً للفرق الكبير بين هاتين العبارتين. ومنها مثلاً قصّة نبيَّ الله سليمان والخاتم. وهي من أباطيل اليهود الشّياطين على سُليمان حديث الخاتم والشّيطان وعبادة الأوثان في بيته ؛ إذْ قالوا: إنَّ زوجته كانت تسجد لصُورة أبيها ، ودام ذلك أربعين يوماً ، وهُو لا يعلم ، فلمَّا علم كسَّر الصّنم ، وعاقب المرأة ، ثُمَّ إنَّ الله عاقبه بأنْ سلَّط عليه شيطاناً يُسمَّى (صخراً) ، فأخذ خاتم الملك ، فصار الشّيطان في صُورته ، أمَّا هُو ؛ فأصبح مُنكراً لا يعرفه أحد ، فتكفَّف أربعين يوماً، ثُمَّ طار الشّيطان ، ووقع الخاتم في البحر ، فالتقطته سمكة ، واصطادها صيَّاد ، فوقعت في يد سُليمان ، فخرَّ ساجداً لله. قال الإمام الغزالي رحمه الله: (يا قوم ، هذه فتنة. ما الفقه إلاَّ علم واحد ، والعرب والمُسلمون يحتاجون إلى عُلُوم كثيرة). وما أشبه زمانه بزماننا ، وتذكَّرت قول نبيّنا محمَّد ()
ويل للعرب من شرّ قد اقترب)؛ وأنا أقول: (والزَمَن الَّذي تضيع فيه دولة العرب.!!( نعم - لقد ذهبت دولة العرب- وحلَّت محلَّها أُمَمٌ وأُمَمٌ ، وتغيَّرت الأحوال ، وجاء قوم جُهلاء ، فماذا صنعوا؟ حاربوا العُلُوم والعُلماء ، وقالوا يكفينا الوُضُوء والصّلاة والإجارة والسّلم والبيع والشّراء وعُقُود النّكاح والبحَّاثة بالطّلاق ، وهكذا ممَّا دوَّنه الفُقهاء في كُتُب الفقه ؛ وبعدها ناموا نوماً طويلاً ، فماذا جاء بعد ذلك؟ انتقل علم العرب بكامله من بلاد العرب والإسلام إلى أُورُوبا والعالم على أيدي تلاميذ ابن رُشْد في الأندلس ، وقال لنا الله: أيُّها العرب ، كان آباؤكم كُفؤاً لحمل عُلُومي وأمانتي التي حمَّلتهم إيَّاها ، أمَّا أنتم ؛ فإنَّكم شُعراء غزليُّون شهوانيُّون ، فأخرجتُكُم من أُورُوبا ، والآن سأجعلكم اثنَيْن وعشرين دولة ، لتلتهمكم أُمم الأرض. لقد أرسلتُ لكم رسولاً منكم لم يكن شاعراً ، بل كان نبيَّاً ورسولاً ، وأنزلت عليه
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ). ـ لقد تركتم العلم ، واكتفيتم بحُبِّ الدُّنيا وإشباع الشّهوات ، ونبذتم الحكمة ، واكتفيتم في مدح المُلُوك والسّلاطين وأغاني الغزل والمُناظرة والمُسابقة بـ (سُوبِّر ستار العرب والمُسلمين) ، ونسيتُم قولي
وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) وأصبحتم في كُلِّ واد تهيمون ، وتقولون ما لا تفعلون. فهل تعلم بأنَّ كافّة قصص الأنبياء هي من (اليهوديات) !!! أنا لا أنكر فضل المفسرين الذينَ ابتعدوا عن (اليهوديات). ولكني أحسّ بالألم يعصر فؤادي حينما أطَّلع على تفاسير مَن اعتمدوا على (اليهوديات) في تفاسيرهم. وقد ذكرت لك سابقاً بعضاً من هذه التفاسير. قال تعالى : (قل سيروا في الأرض) - ولم يقل سيروا - على - الأرض ولا لمرة واحدة . وهذا يدلّ على دعوة صريحة ، أن يعتمدوا علم الآثار بالبحث والتنقيب والتأمل لمعرفة المعلومات بشكل علمي سليم بعيداً عن الأساطير والخرافات المنقولة عن أُناس اشتهروا بالكذب في زمانهم الذي عاصروه.
وأقرب مثال على ذلك: اكتشافي الذي توصَّلت إليه في الأبجدية وسكّ النقود القديمة. الذي دحضت فيه معظم النظريات السابقة, وأكَّدت فيه وجود النقود زمن يوسف تصديقاً لقوله تعالى (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ). فلولا عثوري على قطعتي النقد اللتين كانتا موجودتين في باطن الأرض لما استطعت الوصول إلى ما وصلت إليه.
أمّا بالنسبة إلى الصديق الوفي فجوابي هو:
أَعلمنا تعالى بشكل إعجازي غير مُباشر عن مدى التقدم الحضاري زمن نوح لتنفيذ أَمره (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) من خلال قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ....إلى " وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ * وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ * إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ ") سورة يس.
لَقَد ذَهَبَ المُفَسِّرون لهذه الآيات يميناً ويساراً وشمالاً وجنوباً دونَ أَنْ يَتَّفقوا على تفسير واحد مُقْنِع حول قوله تعالى (أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) ، ومِمّا صَرَّحوا به :
(فَإنَّ ما ذَكَرهُ كثير مِنَ المُفَسِّرين ، مِنْ أَنَّ المُراد بالذُرِّيّة للآباء ، مِمّا لا يُعْهَد في القران اطلاق الذرّيّة على الآباء؛ بل فيه من الابهام ، وإخراج الكلام عن موضعه ، ما يأباه كلام ربّ العالمين ، وإرادته البيان والتَوضيح). فمن هذا المنطلق علينا استبعاد كون الذرّية التي جاءت في تلكَ الآية على أَنَّها ذُرِّية المخلوقات البشريّة، لأنَّ الذُرِّية تَنشَأ من الآباء والأجداد وليسَ العكس !! وبما أنَّ الله قد بنى قدرته على النظام والعلم الذي أوجده بدأً من الذرَّة وأصغر منها حتى السماوات السبع وما بينها . فعلينا استبعاد أيّ مقدرة إلهية خارج نطاق هذا العلم والنظام. فَإِذَن لَنْ يَبقى أَمامنا لِتَفسير ما جاء في هذه الآية التي تَعود إلى قصّة نوح حَصرياً؛ إلّا أَنَّه تعالى يَقصد بها (الجينات الوراثية) للمخلوقات التي سَتَنقرض نتيجة الكارثة والذي جاء ذكرها في قوله تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ). ولنلْقِ نَظْرَة لخطوات عمليّة الاستنساخ : 1- أخذ خَليّة جسمية (Somatic cell) بالِغَة مُتَخَصِّصة ووضعها في أطباق زجاجية ومعاملة هذه الخلايا بمعاملات خاصة لتصبح أَنْوِيِتَها صالحة لِتوجيه عمليّة التَكوين الجَنيني .
2- أَخذ خليّة بويَضَة (ovum) ونزع نواتها الحاملة للصفات الوراثية .
3- استخدام الشحنات الكهربائية لإدماج الخليّة الجسمية مع البويضة بمثابة عملية الاخصاب (fertilization) فيَتكَوَّن نتيجة لذلك بوَيْضَة مُخَصّبة . 4- زرع البويضة المُخَصّبة في قناة البيض (oviduct) لِمُدّة ستة أيّام من أجل حصول عمليّة التَفَلّج (الانقسام الخلوي التَضاعُفي) ، وهي مدّة كافية لِيَصِل فيها الجنين إلى طور (التويتَة) أو طور (البَلاستولا). 5- نقل الأجِنَّة وغَرسها في أَوعية شبيهة بالأرحام، حيثُ تُستَكمَل هذه الأجنة نموها إلى أن يحين موعد ولادتها. • بالتالي الاستنساخ يَعني إمكانيّة الحُصول على نَسلٍ دونَ الحاجة إلى العلاقة الجنسيّة المعروفة ، ودون الحاجة الى ذَكَرٍ يقوم بِعمليّة التلقيح. كما أنَّ قوله تعالى: (الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)؛ يَقصد بها تعالى : أنَّ هذه السفينة مُجَهَّزة (بذاتيّة التَشغيل في حِراكِها) شبيهة بالطاقة النوَويّة المستَخدمة حالياً في تَسيير السفن والبوارج والغوّاصات. أقول: أَليسَ ما جاء في هذه الآيات من الاعجاز العلمي والتاريخي والمعلوماتي للحضارة التي سَبَقتنا وعاصرها نوح .
موضوع: رد: موجز لقصة موسى 
08/04/17, 08:52 pm
