وتطور الطب الدنيوي في بلاد اليونان أثناء القرن الخامس قبل الميلاد في أربع مدارس كبرى: في كوس ونيدس من مدن آسيا الصغرى،
وقد وصلت إلينا أنباء مدوَّنة ترجع إلى عام (520ق.م) عن طبيب يدعى ديموسيدس Democedes، ولد في كرتونا، ومارس مهنة الطب في إيجينا وساموس وسوسة، وعالج دارا والملكة أتوسا Atossa، ثم عاد ليقضي آخر أيامه في مسقط رأسه
أبوقراط أعظم أطباء الاغريق :
وقد ولد في مدينة كوس في السنة التي ولد فيها ديموقريطوس (464ق.م)، وأصبح الرجلان صديقين حميمين بالرغم من بعد موطنهما، ولربما كان "للفيلسوف الضاحك" نصيب في توجيه الطب وجهة دنيوية، وكان أبوقراط ابن طبيب
لقد رأينا في الالياذة لهوميروس اشارات الى كثير من المعلومات الطبية ولا سيما الجراحية (٢).
وكان الطب موجودا لدى اليونان قبل ابقراط ، لانه هو نفسه ينقل عن مؤلفات سابقة ، ولكن ابقراط قد خلص هذا العلم مما علق به من الشعوذة والعقائد بالارواح ، ولم يقم ابقراط بما قام به الا اعتمادا على الثروة الطبية الجيدة التي ورثها عن اسلافه.
ويذكر وجدي ايضا : ان الكتب التي سبقت ابقراط مفقودة ، وليس لدينا اقدم من كتبه الان ، وكان الطب عندهم سحريا يعتمد على الرقى والعزائم. ثم لما نبغ الفلاسفة امثال انكزيماندوا ، وبارفيد ، وهيراقليت وغيرهم تكلموا في الاهوية ، والاغذية ، والامراض ، وغير ذلك. ثم جاء فيثاغورس فاشتغل بالطب وكتب امبيدو كل في الجنين والحواس ، والوراثة والتوالد
ترقى الطب عندهم حتى أسس بطليموس الاول والثاني ملكا مصر مدرسة الاسكندرية ، التي نبغ منها جالينوس ، الذي عاش في القرن السادس قبل الهجرة.
وكان الطب الروماني مبنيا على الخرافات والاوهام ، واليونان هم الذين ادخلوا العلم الطبي اليهم من مدرسة الاسكندرية ـ التي استمرت ـ كما يقول البعض (١) الى اواخر القرن الاول الهجري ـ ولعل اول طبيب يوناني دخل رومية هو اركاجانوس بن ليزانياس سنة ١٩٢ قبل المسيح ، ثم سقط الى الحضيض على اثر بعض اعماله الجراحية ، ثم عاد فدخلها من العلماء اليونانيين من كان له اثر كبير في نشر هذا العلم هناك
ذروة مجد الطب اليوناني (مدرسة الإسكندرية)
بعد عصر سقراط بدأت الثقافة اليونانية تتراجع حتى على الأرض التي ازدهرت عليها وانتقل مركز الثقافة إلى الإسكندرية حيث نشأت مدرسة طبية في عام (300ق.م) تقريبا. وقد أنجبت هذه المدرسة ثلاثة أطباء ذاع صيتهم في أرجاء العالم وهم:
تيوفراستوس THEOPHRASTUS أكبر نباتي في العصور القديمة
هيروفيلوس HEROPHILUS أكبر عالم تشريح في العصور القديمة
إيراسيستراتوس ERASISTRATUS أكبر عالم فيزيولوجيا في العصور القديمة.
وقد تقدم الطب بخطى سريعة في ذلك العصر، ولعل سبب تقدُّمه أنه كان لابد له أن يسير بنفس السرعة التي تفشو بها الأمراض الجديدة المتزايدة في حضارة المدن المعقدة، وكانت دراسة اليونان لمعلومات المصريين الطبية باعثا قويا على هذا التقدم، وكان البطالمة لا يترددون في تقديم أي معلومات يحتاجها علماء الطب، فقد كانوا يجيزون تشريح الحيوانات وجثث الموتى من الآدميين وكذلك كانوا يرسلون بعض المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام لتشريح أجسامهم وهم أحياء، وبفضل هذا التشجيع أصبح التشريح البشري علما وقلَّت إلى حد كبير الأغلاط التي وقع فيها الأطباء قبل ذلك العصر
أولئك هم الرجال الذين جعلوا الإسكندرية في العصر القديم أشبه بفيينا في العصر الحديث، غير أنه كانت توجد أيضا مدارس طبية عظيمة في كل من تراليس وميليتس وإفسوس وبرجوم وتاراس وسرقوسة، وكان للكثير من المدن إدارات طبية بلدية يتقاضى الأطباء العاملون فيها مرتبا وسطا، وكان من أسباب فخرهم أنهم لا يفرِّقون بين الأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد، وأنهم كانوا يهبون أنفسهم لعملهم في أي وقت مهما يكن الخطر المحدق بهم، فقد ذهب أبلونيوس الملطي ليكافح الطاعون في الجزائر القريبة من موطنه من دون أن ينال على ذلك أجرا، ولما فتك المرض بجميع أطباء كوس بعد أن بذلوا كل ما يستطيعون من الجهد لمقاومته أقبل غيرهم من أطباء المدن المجاورة لإنقاذهم، وما أكثر القرارات العامة التي أصدرها الحكام للإشادة بذكر الأطباء في ذلك العصر والاعتراف بفضلهم، ومع أنّ الكثير من القدماء كانوا يسخرون من عجز الأطباء المأجورين فإنّ هذه المهنة العظمى قد احتفظت بذلك المستوى الأخلاقي الرفيع الذي ورثته عن أبوقراط والذي كانت تعده أفخر تراثه وأثمنه
_________________
كنوز ودفائن البشريه
ان انشاء هدا المنتدى يُعد قيمة اخلاقيه لفهم حضارات العالم ولهم الحق علينا بنشرها لنتحدث بحريه ونقول للماضي نحن هنا
مختص بدراسه جميع المسكوكات القديمه
أخواني في هذا المنتدى ، لصعوبة الحياة وتغير الوقت يرجى متابعتي على انستغرام إدا تأخرنا في الردود
https://www.instagram.com/alsadeekalsadouk/
كتبه أخوكم محمد العبد الفقير الملقب بالصديق الصدوق : لبنان -بيروت