كيف بدأ بالطوابع احببت المقاله ونقلتها

كيف بدأت قصتك مع الطوابع؟

بدأت عفوياً كون والدي "شفيق طالب" قرر عرض مجموعاته أمام الجمهور منذ العام 1995. بعد خمسة سنوات من الخبرة المكتسبة، قررنا نقل عرض الطوابع من مفهوم العرض الذي يستهدف هواة جمع الطوابع المتخصصين الى مفهوم العرض الذي يتوجه الى العامة. ما اريد قوله، اننا بدأنا - أنا ووالدي - بنشر ثقافة الطابع وتقديمها بطريقة وحلّة جديدة: من خلال المعارض والدراسات والمقالات الموجهة الى الجمهور الواسع.

... وكان ايضا دخول الى عالم "مضمون الطابع"؟

اندماجي بعالم الطوابع له علاقة بتطوري الشخصي والعلمي. وجدت في هذا المجال حقلاً دلالياً ومعرفياً يعلمني ويسمح لي بإعادة انتاج المعرفة وبالتواصل مع جمهور المعارض. لذلك قررت ان ادخل غمار هذا المجال والتخصص فيه وجعله مجال بحثيّ. الدافع الشخصي كان حاضراً بقوة. اردت أن أجد نفسي في مكان أحبّه واستطيع أن أحبّب الآخرين به.

زرت الكثير من متاحف البريد العالمية وقضيت اوقاتاً في مكتباتها، دون ان أنسى طبعا فضل والدي الذي وضع مجموعاته الطوابعية بين يديّ. رغبت في أن اطبّق مناهج علوم حديثة تدرس الصورة ورمزيتها وتفسيرها، ولها علاقة بمنظومة التواصل بين الناس. هذا مجال يتطلب التفرغ والبحث والامكانات المالية الى جانب الدعم العائلي. منهجي ناجم عن "طبخة حب"، فقد أستفدت من والدي ومن زوجي وحتى من ابنتي.

الطابع هو وثيقة مصوّرة تحمل نصاً ومجموعة رموز، ما هي المنهجية التي تعتمدينها في دراستك الطوابع؟

أتعامل مع الطابع كنصّ مصوّر. صورة الطابع فيها رموز لها دلالاتها الخاصة. الطابع هو تشكيلي، يحمل اسم بلد محدّد. كما أن له عنواناً ظاهراً (او مضمراً) يخبرنا عن سبب صدور الطابع او المناسبة (الطوابع التذكارية على وجه الخصوص). الطابع اذا هو نص دلالي يؤول وتأويل الطابع يخضع للمتلقي. يجب دراسة الخلفية المعرفية والمكونات الثقافية والسياسية والاجتماعية للبلد الذي يصدر الطابع.

أنا كباحثة ودارسة اضع حلقة الوصل والخلفيات الثقافية والاجتماعية والسياسية واربطها بصدور الطابع واعيد تقديم الطابع للقارئ بطريقة مبسطة ومفهومة.

تصدر الطوابع عن سلطة سياسية عليا، فهل تحمل الطوابع رسائل تحاول السلطة تمريرها؟

قبل ستينات القرن الماضي، كانت الطوابع حاملة لمضامين سياسية رمزية سلطوية في البلاد العربية. منذ "اولومبياد" روما عام 1960، حصل تحوّل لافت مع قرار معظم دول العالم إصدار طوابع متعلقة بهذه المناسبة. قبل هذا الحدث بقليل كانت قد قررت منظمة الامم المتحدة تخصيص كل سنة لموضوع، ثم بدأ تقليد تعيين يوم عالمي لقضية معيّنة. سنة 1959 بالتحديد، قررت الامم المتحدة اعتبار تلك السنة سنة دولية للاجئين، وقد تلقف العالم العربي هذا القرار لأن قضية اللاجئين تمسه مباشرة من خلال مسألة اللاجئين الفلسطينيين. أصدرت معظم الدول العربية طوابعاً في هذه المناسبة، ومنذها، أخذت تتبع المواضيع السنوية التي تحددها المنظمة الدولية.

نتيجة لهذا التحوّل، باتت الدول تصدر طوابعاً ترتبط موضوعاتها بقضايا عالمية. انتقل الطابع من كونه رمز سياسي محض الى مؤشر لتجاوب البلاد مع عناوين عالمية. بات هناك اهتمام من نوع جديد بالطوابع. يتجاوب الطابع البريدي مع حاجات وتطلعات الجهات الرسمية والثقافية والأفراد، وهو يحقق للدولة سلّة من الأهداف المتشعبة كونه يجسّد صورة الدولة عن نفسها ورؤيتها لإنجازاتها، كما أنه يحمل أهمية إن بالنسبة للسلطة أو للأفراد.

من هي السلطة المنوط بها اصدار الطوابع في لبنان؟

سنة 1959، في عهد الرئيس فؤاد شهاب، صدر قانون ينظم إصدار الطوابع في لبنان. وبموجبه يفترض أن تتشكل هيئة تنظم كيفية إصدار الطوابع. لا نعرف شيئاً عن هكذا هيئة الآن. الآلية المتبعة في الوقت الحالي قوامها اقتراح مؤسسة ما اصدار طابع معيّن وشرحها حيثيات اقتراحها في كتاب رسمي يقدّم الى وزير الاتصالات. وبعدها يبت مجلس الوزراء في الاقتراح.

تتم هذه الأمور حالياً على الطريقة اللبنانية. في العادة، عندما ندخل الى المواقع الالكترونية الخاصة بهيئات البريد في العالم، نستطيع الاطلاع على ما سيصدر من طوابع خلال السنوات القادمة، فهناك تخطيط مسبق لهذه المسألة.

ما هي الاختلافات التي يمكن رصدها إذا تتبعنا مسار تاريخ الطابع اللبناني عبر حقبات. فلنبدأ بالحديث عن الطوابع المستخدمة خلال المرحلة العثمانية...

يجب التمييز بين تاريخ تداول الطوابع في لبنان وبين صدور مجموعة الطوابع اللبنانية. بعد اربعينات القرن التاسع عشر، وهو تاريخ صدور أول طابع في بريطانيا، بفترة، تم تداول طوابع اجنبية في مكاتب البريد الاجنبية في بيروت وطرابلس. السلطنة العثمانية أصدرت أول طابع خاص بها سنة 1863. كانت الطوابع العثمانية التي تم تداولها واحدة، وكانت توشح باسم المدينة حيث تستعمل. قبل ذلك كان العثمانيون يستخدمون أختاماً عليها اسم المدن وتدلّ على استيفاء الرسم المالي.

واستعملت الطوابع العثمانية في مكتب بيروت وكانت مماثلة لما استعمل في باقي المكاتب وكان أكثرها تداولاً إصدارات 1869-1871 وهي رسمة للهلال. والمعروف منها أيضا الطوابع التي حملت مناظر Pictorialالتي صدرت عام 1913 والطوابع الموشحة بالنجمة والهلال 1916 (وهي ضريبة لأيتام الحرب). استعملت في بيروت أشكال أخرى من الطابع العثماني وهي البطاقة البريدية وظهرت منذ العام 1870 ودعيت بـ "بطاقة مراسلات مكشوفة" والتي تطورت واتخذت أشكالاً مختلفة. كما ظهرت الرسائل المظروفة في العام 1895 وهي رسائل جاهزة للاستعمال مكونة من قطعة واحدة تكون هي الرسالة والغلاف معاً ويكون الطابع مطبوعاً عليها سلفاً. وكان قد بدأ استعمال المغلفات المطبوعة في السلطنة منذ العام 1862 لكن النماذج المعروفة منها في بلاد الشام تعود للأعوام 1913 وما تلاها.
ماذا عن الطوابع الفرنسية خلال مرحلتي الاحتلال والانتداب وقبلهما؟

بالطبع ليس المجال هنا للكلام عن تاريخ الطوابع في لبنان؛ وبكلمة موجزة ومبسطة أشير أنه تم التداول اضافة الى الطوابع العثمانية بالطوابع الأجنبية وخصوصاً طوابع Levant (بين 1885 و1918) التي اصدرتها كل من فرنسا والنمسا وانكلترا وروسيا وإيطاليا وألمانيا في بيروت وتم تسعيرها بالعملة العثمانية. في سنة 1919، استعملت في بيروت طوابع فرنسية مختلفة وشحت جميعها بـ TEO (Territoires Ennemis Occupés) أي مناطق العدو المحتلة، ثم سنة 1920 أخرى موشحة بـOMF (Occupation Militaire Française) أي "الاحتلال العسكري الفرنسي". الاولى منها سعرت بالعملة المصرية والثانية كذلك قبل ان تسعر بالقرش السوري. وقد طبعت هذه الطوابع في مطبعة جدعون. بعدها استعملوا طوابع Syrie Grand Liban سنة 1923، وقد طبعت في مطبعة الكبوشيين في بيروت. ولم يستعملوا طوابع Grand Liban و"لبنان الكبير" إلا سنة 1924 بعد اعتراف عصبة الامم بالانتداب الفرنسي على لبنان، وعملاً بالمادة السادسة من صك الانتداب التي نصّت على "أن اللغتين الفرنسية والعربية تعتبران رسميتين في سوريا ولبنان". وهذا هو التاريخ الأول لطوابع المجموعة اللبنانية فتاريخ ولادة الطابع اللبناني يتزامن مع فترة الانتداب الفرنسي.

هل تصدر الطوابع في لبنان بحسب قاعدة 6 و 6 مكرّر؟

لا يمكن القول ذلك بصراحة لكن عندي شعور قوي بذلك، فمثلاً الإصدار الأول للشخصيات كان في العام 1971 ، تألفت المجموعة من أربعة طوابع لكل من الأخطل الصغير الى جانب جبران خليل جبران والإمام الاوزاعي وحسن كامل الصبّاح. وهذه الشخصيات تستأهل كل تكريم؛ لكن هذا التنوع مثيرللحيرة. إذ ما هي المعايير التي اعتمدت لذلك ؟ أنني أشتم منه صيغة 6 و 6 مكرر!

هل يمكن للطوابع أن تشكل حاملاً لذاكرة جماعية سياسية وثقافية؟

الطابع هو مؤشر مهم جداً وحيوي جداً. انا من مدرسة تقول إنّ السلطة تفلتت ولم تعد قادرة على أن تكون سلطوية جداً. بات الطابع مؤشراً لديناميكية تحصل بين المجتمع والسلطة. هناك رقصة تانغو بين المجتمع والسلطة.

في بلدان العالم الثالث قد تكون السلطة تستعير من الشعب والمجموعات رموزها من شخصيات وتراث شعبي وأعياد ومناسبات وأزياء شعبية وتضعهم على الطوابع لتقول للمجتمع: هذه أنا، منك ولك.

منذ فترة أعددت معرضاً في قصر الاونيسكو عن حضور مدينة بيروت عبر التاريخ من خلال الطوابع البريدية. لم هذا الإهتمام بالعلاقة التي تجمع بيروت بالطابع البريدي؟

في أواخر شهر نيسان الماضي، قمت بإعداد معرض تحت عنوان "بيروت وذاكرتها في الطابع البريدي"، وذلك في إطار بيروت عاصمة عالمية للكتاب. وقد اتت مقاربة بيروت من خلال الطابع البريدي لسببين، أولهما أنها لم تدرس من قبل من خلال الطابع البريدي، وثانيهما لأهمية الطابع البريدي في تشكيل وعينا الجماعي وفي تأكيد اجتماعنا الثقافي. ومن خلال هذا المعرض تتبعت ظهور اسم بيروت في الطوابع من البدايات حتى الآن.

متى ظهرت بيروت لأول مرة على طابع بريدي؟

أول طابع حمل اسم بيروت هو طابع فرنسي وشّح (التوشيح هو إضافات – دمغ - مطبوعة على الطابع) في مكتب البريد الفرنسي في بيروت في 17 كانون الثاني 1905 بعبارة 1 Piastre Beyrouth. في العام 1925، حلّت بيروت في الطوابع التأسيسية الأولى على طابعين، اسوة بمدينتي طرابلس وبعلبك. حمل الطابع البيروتي الأول منظر عام لبيروت "البلد" وتحديداً بيروت داخل السور. وحمل الطابع الثاني صورة ساحة الشهداء. وألحقت هذه المجموعة بمجموعة "التغريم" Chiffre – Taxe المؤلفة من خمسة طوابع، والتي حلّت بيروت في اثنين منها: الأول حمل رسمة غابة الصنوبر والثاني صخرة الروشة في أول ظهور لهذه الصخرة كرمز لبيروت على طابع.

لماذا تغيب المسألة الاجتماعية عن مجموعات الطوابع اللبنانية على عكس مجموعات الطوابع العربية التي تهتم بمسائل اجتماعية كالمرأة في سوق العمل والأزياء التقليدية والحرف الشعبية...؟

هناك ابتعاد عن اصدار طوابع يمكن أن يراها البعض فئوية. بشكل عام، من سمات الطابع اللبناني أنه محافظ لا يتقبّل مواضيع جديدة. وهو طابع لا يتابع مواضيع (كعيد الأم وعيد الاستقلال وغيرها) من خلال اصدارات سنوية متتابعة.

هذا استسهال وهروب الى السائد. فعلى سبيل المثال، صدر عام 1944 أول طابع يحمل صورة مبنى البرلمان. وعندما استعيدت صورة البرلمان بعد تجديده على طابع سنة 2005، تم إختيار الزاوية عينها للتصوير. الأمر ذاته بالنسبة للسراي الحكومي والسراي الصغير. هذا يعكس عقلية محافظة تتسم بها الإدارة اللبنانية بشكل عام.

المسألة ترتبط بالذهنية القائمة حالياً. ففي عهد الرئيس شارل حلو صدرت مجموعات طوابع جميلة ومبتكرة. وفي عهد الرئيس سليمان فرنجية، صدرت أجمل الطوابع اللبنانية من ناحية المواضيع (شخصيات، فنون، حرف، بيوت تراثية...) والتصميم والتلوين. هناك مفارقات يصعب تفسيرها كصدور طابع يجسّد اختيار بيروت عاصمة ثقافية عام 2002 رغم أن اختيار بيروت هذا تم للعام 1999، على عكس الطابع الذي يجسّد اختيار بيروت عاصمة عالمية للكتاب والذي تم خلال السنة نفسها.

ما هي الاختلافات الاساسية بين الطوابع اللبنانية والطوابع العربية؟

توجد طوابع عربية جميلة جداً كالطوابع التونسية المعتنى بها من ناحية التصميم والتلوين، والتي رسمها أشهر الرسامين التونسيين. نحن لغاية الآن لا نستعين بفنانين. هناك استسهال في تصميم الطابع اللبناني وفي اختيار الوانه ونوعية الورق التي يطبع عليه. كان الوضع مختلفاً في بعض الفترات كعهدي الرئيسين شارل الحلو وسليمان فرنجية. الطوابع العربية تكرّم الشخصيات المهمة في بلدانها، بينما في لبنان لا نجد طابعاً يحمل صورة فيروز رغم أنها فنانة ورمز إضافة الى كونها امرأة وهذا مهم. كذلك في لبنان لا تصوّر الطوابع مواضيع تراثية وأزياء شعبية لأن تراثنا ليس محفوظاً ولا نعمل على حفظه.

هل يوجد دليل للطوابع اللبنانية؟ وماذا عن إنشاء متحف للطوابع اللبنانية؟

كتابي الموسوم بـ"لبنان في طوابعه – مجموعة شفيق طالب" يعتبر دليلاً للطوابع اللبنانية. غيره، نعتمد الأدلة العالمية التي تتحدث فيما تتحدث عن مجموعات الطوابع اللبنانية. لا توجد جهة لبنانية رسمية تمتلك مجموعة الطوابع اللبنانية. هذه المجموعة الكاملة موجودة في مجموعة شفيق طالب وأنا وزوجي نمتلك مجموعة خاصة بنا.

لا أظن أننا قريبون من فكرة إنشاء متحف للطوابع اللبنانية لأنه لا يوجد اهتمام بهذه المسألة لكننا أنا ووالدي نسعى لذلك.

هل الرسائل الالكترونية هي مسبب لإنتهاء عهد الطابع؟

بالعكس، فالانترنت ساهمت في نشر الطابع عالمياً. يشهد العالم كمّ هائل من الرسائل التي تتزايد باضطراد، فسكان العالم في تزايد مستمر وعدد مستخدمي الانترنت حول العالم قليل. وكذلك فإن للرسالة الورقية معانٍ خاصة بها لا تحملها الرسالة الالكترونية. سوق الطوابع سوق حيّ جداً حالياً واعتقد أنه ستحصل زيادة في تداول الطوابع في المستقبل. كذلك، صار هناك تجميع للطوابع بحسب الموضوعات. بات هواة الطوابع يهتمون بمواضيع محددة.

منقول لبنان الان

السلام عليكم .. فعلا اخي الكنز يستحق القراه

_________________

كنوز ودفائن البشريه
ان انشاء هدا المنتدى يُعد قيمة اخلاقيه لفهم حضارات العالم ولهم الحق علينا بنشرها لنتحدث بحريه ونقول للماضي نحن هنا
مختص بدراسه جميع المسكوكات القديمه

أخواني في هذا المنتدى ، لصعوبة الحياة وتغير الوقت يرجى متابعتي على انستغرام إدا تأخرنا في الردود
https://www.instagram.com/alsadeekalsadouk/
كتبه أخوكم محمد العبد الفقير الملقب بالصديق الصدوق : لبنان -بيروت

لف شكر نتمنى لك التوفيق

مشكور على هذا الطرح